أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ أَمْسِ سَأَلَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ أَيُّكُمْ سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْفِتَنِ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ، قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ، قَالَ: لَسْتُ عَنْ تِلْكَ أَسْأَلُ، تِلْكَ يُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالصَّدَقَةُ، وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْفِتَنِ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ إِيَّايَ يُرِيدُ، قُلْتُ: أَنَا، قَالَ لِي: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ قَالَ: قُلْتُ: تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ، فَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ عَلَى قَلْبَيْنِ أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، لَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرِ أَسْوَدَ مُرْبَدٍّ كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا - وَأَمَالَ كَفَّهُ - لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ.

404!