قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ، وَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ أَوْ يَدْفَعُ اللهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ.
قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَنَحْنُ فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا.
إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَهُ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ ﵁، وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِخَبَرِ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ الْمُخَيَّرُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ، وَلا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ.
أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَسْأَلُهُ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا: ارْجِعِي إِلَيَّ فَقَالَتْ: فَإِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ - تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: فَإِنْ رَجَعْتِ فَلَمْ تَجِدِينِي فَالْقَيْ أَبَا بَكْرٍ.
بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا إِذًا قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ قَالَ: فَعَدَّ رِجَالًا.
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ.